"بعد أن أكملتُ تدريبي، لم أفارقْها أبداً. يمكنك القول إنّني أخذت استراحة لمدّة أربعة أشهر عندما أردت السفر بعد أن نلتُ شهادتي. وبمجرّد وصولي إلى المنزل، وجدتُ على الفور وظيفة في الصليب الأحمر وذلك في العام 2001. بدأت كمديرة مشروع المسؤولية الاجتماعية للشركات، لكنّي تولّيت العديد من المناصب والمسؤوليات المختلفة. وعلى سبيل المثال، التحقت بفريق الشباب والتنوّع في الصليب الأحمر الهولندي بعد ذلك بعامين وسنحت لي فرصة لكي أُنتَخَب لنيل عضوية لجنة التنسيق الأوروبية للشباب التابعة للصليب الأحمر والهلال الأحمر في ذلك العام وذلك خلال اجتماع التعاون الأوروبي في ليدو دي يِسولو. شاركنا معاً في مسيرة المشاعل، ولن أنسى المشيَ في المقدمة أبداً، حيث تمّ اختيارنا للمساعدة في حمل لافتات المبادئ الرئيسية، والمشهدَ من ورائي ورؤية هذا الطابور الهائل من الناس من جميع أنحاء العالم وهم يمشون حاملين مشاعلهم عبر التلال التي كانت مرّة ساحة معركة سولفْرينو، والمشيَ على خطى هنري دونان بالمعنى الحرفي للكلمة ... تلك كانت تجربة عاطفية قوية. وبعد أن عايشتُ كلّ هذه التجارب المختلفة، صارت لي مصدر إلهام لمواصلة التعلّم والتطوّر والقيام بعمل أفضل.
أنا أعمل اليوم في قسم المساعدة الدولية. لقد كان حلمي دائماً أن أعمل لديهم، وأنا سعيدة جداً لأنّه أتيحت لي الفرصة للقيام بذلك في منصبي الحالي كمنسّقة للشراكة والمحفظة في لبنان والأراضي الفلسطينية. من المدهش أن تتاح لي الفرصة للعمل عن قرب مع العديد من الزملاء والمتطوّعين المتفانين من الصليب الأحمر اللبناني والهلال الأحمر الفلسطيني. أنا لا أفعل ذلك بمفردي بالتأكيد، وأنا محظوظة حقاً بوجود فريق رائع حولي، والذي نسميه بفخر فريق النخبة. العمل على قضايا مهمّة ومساعدة الناس أنشطة مشرّفة أؤدّيها كوظيفة. لكنّ العمل مع كلّ هؤلاء الأشخاص الرائعين والملتزمين هو ما يجعل عملي مدهشاً ومُرْضياً حقيقة! وأنا سعيدة جداً لأنّ منصبي الحالي يتيح لي الجمع بين الأمومة والزيارات الميدانية. ولا زلت قادرة منذ أن بدأت على زيارة لبنان مرتين وفلسطين ثلاث مرات، وأنا أتطلّع بالفعل إلى مهمّتي التالية.
لطالما كان زوجي داعماً لعملي، ولطالما وقفت أُسرتي بجانبي. لكن عليّ أن أقول إنّ زملائي فعلوا من أجل حياتي الخاصة الشيء نفسه. عندما قرّرتُ وزوجي أن نتبنى طفلاً من كينيا، أتاح لي مديري الفرصة لكي أعمل عن بُعْد وأتمكّن من مواصلة عملي الرائع. وتعيّن على زوجي على سبيل المثال أن يترك عمله لأننا اضطررنا للعيش في كينيا لمدّة تراوحت بين 6 و9 أشهر. ليس هذا فحسب، فقد نظّموا احتفال ولادة مفاجئاً في مكتب الصليب الأحمر للترحيب بملاكنا الصغير في العالم. لا أظنّ أنّ هناك طفلاً آخر لقي مثل هذا الترحاب من قِبل أيّ شخص إلى جانب والدَيه. وأنا فخورة بالقول إنه جزء من أسرة الصليب الأحمر.
لا ريب أنّ عمل المرأة يتغيّر حين تصبح أمّاً. أنا أعمل الآن ساعات أقلّ، لكنّ هذا لا يعني تدنّي إنتاجيتي. أنا أعمل في المساء عندما يكون نائماً. أنا أتدبّر أمري وأريد أن تعرف الأمّهات الأخريات أنهنّ قادرات على فعل الأمر نفسه أيضاً. صحيح أنّ تحقيق التوازن بين عملي وحياتي الخاصّة صعب أحياناً، لكنّني لم أكن أبداً من الأشخاص الذين يعملون من الساعة التاسعة إلى الساعة الخامسة على أيّ حال، وأنا أحبّ عملي! أضف إلى ذلك أنّ الأمر الرائع في العمل لدى الصليب الأحمر الهولندي أنّ مدرائي منحوني/يمنحونني الوقت والمسؤولية لتنظيم عملي بالطريقة الأنسب لي، لأنّهم ائتمنوني/يأتمنونني على القيام بالعمل اللازم وإتمامه. وهذه تجربة رائعة أخرى في العمل لدى الصليب الأحمر!
إنّ نسبة الدول التي اعتمدت سياسات محاصصة لضمان زيادة عدد السيدات اللاتي يشغلن أدواراً قيادية في السياسات المحلّية تفوق الخمسة والسبعين في المئة.