أوّل سيّدة تتولّى رئاسة لخدمات البحث والإنقاذ
عندما التحقتْ كييرستي لوفيك بالصليب الأحمر النرويجي في العام 2006، لم تتوقّع أن تصبح بعد 11 عامًا أول سيدة تُنتخَب رئيسةً لمجلس الصليب الأحمر الوطني لخدمات البحث والإنقاذ. تعود كييرستي بالذاكرة وتقول، "وفيما كان أولادي يكبرون، أردتُ توسيع آفاقي وإيجاد هواية جديدة. لذلك، عندما رأيت بالصدفة منصّة تجنيد للصليب الأحمر في مجتمعي المحلّي، بادرتُ إلى التسجيل".
Brave15 شجاع التقييم

ترى كييرستي أنّ مبادئ الصليب الأحمر الرئيسية متوافقة تماماً مع قيمها الشخصية. وتشير إلى أنّ "الحياد، والإنسانية، والنزاهة ... لطالما اعتنقتُ هذه المفاهيم، حتى قبل التحاقي بالمنظّمة". وصارت خدمة البحث والإنقاذ خياراً طبيعياً بسبب هذا الانجذاب إلى قيم الصليب الأحمر، إلى جانب حبّها للعمل خارج جدران المكاتب. ولم تعرف إلى أين ستأخذها المشاركةُ التطوّعية المحلّية.

تحمل رئيسة المجلس الوطني لخدمات البحث والإنقاذ على عاتقها مسؤولية كبيرة. بوجود نحو 5000 من المتطوّعين النشطين المنتشرين في جميع أنحاء البلاد وأكثر من 2000 مهمّة سنوية، يتبيّن أنّ هذه ليست وظيفة ضعاف القلوب. ربّما تكون مهامّ البحث والإنقاذ بالغة التعقيد وشديدة التنوّع، بحيث تتراوح بين إنقاذ متجوّلين مصابين في الجبال النرويجية والبحث عن أشخاص انتحاريين أو تحديد أماكن أشخاص ضلّوا طريقهم ويعانون من الخرف. تغطي المهامّ كلاًّ من الكوارث الوطنية الواسعة النطاق والحوادث المحلّية البسيطة.

”يوضح ذلك وبأجمل صورة قوّة الانتماء إلى أُسرة واحدة، وصليب أحمر واحد”

– Kjersti Løvik, Norway

صادفتْ كييرستي العديد تحدّيات عملانية كثيرة طوال مسيرتها في الصليب الأحمر. حلّت مأساة مثلاً قريباً من منزلها. ففي 22 تموز/يوليو 2011 ، قُتل 77 شاباً في هجوم إرهابي على معسكر للشباب في يوتيا خارج أوسلو. كان أحد هؤلاء الشباب متطوّعاً في فرع كييرستي المحلّي التابع للصليب الأحمر. تتذكّر الحادثة وتقول، "كان على وشك بلوغ الثامنة عشرة من العمر وكان متلهّفاً للغاية للخدمة معنا بعد أن أنهى كلّ تدريباته". كانت خسارةً فادحة لنا جميعاً". سبّبت هذه المأساة ضغطاً هائلاً على الفرع المحلّي الذي ترأسه كييرستي. "وقفنا بجانب أسرته فيما كنّا غارقين في الحزن ونستجيب كالمعتاد لمهامّ البحث والإنقاذ. كان ذلك صعباً". ولحسن الحظ، لاحظت الفروع المحلّية في المنطقة المحيطة الضغطَ الذي يرزح تحته زملاؤها فهبّت لمساعدتهم وتحمّل واجباتهم العادية عنهم. وتضيف، "يوضح ذلك وبأجمل صورة قوّة الانتماء إلى أُسرة واحدة، وصليب أحمر واحد".

مع أنّ كييرستي تشارك في كثير من جهود الإغاثة من الكوارث الوطنية واسعة النطاق وتساندها، إلاّ أنّها تصرّ على أنّ ذلك ليس مقياساً جيداً لتحديد ماهيّة الكارثة. وتشدّد على أنّه "بالنسبة إلى ذلك الشابّ الذي يذهب إلى البرّية لإنهاء حياته، وبالنسبة إلى أسرته، هذه الحالة الفردية أكبر كارثة في العالم. يجب ألاّ ننسى ذلك المنظور عندما نقوم بعملنا. فالأمر لا يتعلّق الأمر بقصص إخبارية كبيرة أو بالإثارة، ولكن يتعلّق بذلك الكائن البشري الوحيد، وأحبّائه، ومعاناتهم".

” عندما أنظر إلى النساء في مجلسي، أعرف أنّ سبب وجودهنّ أنّهنّ قائدات قويّات أولاً وقبل كلّ شيء وليس لأنّهنّ "سيدات”

– Kjersti Løvik, Norway

أعمال البحث والإنقاذ مجال هيمن عليه الذكور على نحو تقليدي في الصليب الأحمر النرويجي. لكن يسرّ كييرستي اليوم أن تشير إلى التوزيع المتساوي للنساء والرجال في الخدمة. إلاّ أنّه عندما نتحدّث عن القيادة على المستوى المحلّي والإقليمي والوطني، توافق كييرستي على أنّ الذكور لا يزالون يهيمنون بقوّة على هذا المجال. وفي الوقت نفسه، لدى كييرستي اعتقاد قويّ بأنّها لم تُنتخب رئيسة لمجرّد أنّها "امرأة"، وتقول "هذه ليست طريقة للمضيّ قُدُماً. وعندما أنظر إلى النساء في مجلسي، أعرف أنّ سبب وجودهنّ أنّهنّ قائدات قويّات أولاً وقبل كلّ شيء وليس لأنّهنّ "سيدات". يمكن تحديد أفضل القادة عندما يمكنك الاختيار من بين مئة بالمائة من السكان، وليس من خمسين في المئة فقط".

تتأمّل كييرستي في رحلتها مع الصليب الأحمر كقائدة محلّية وإقليمية ووطنية أخيراً، وتشير إلى أهمّية تلقّي المساندة والدعم ممّن هم حولك. وتقول إنّه ربّما يكون لذلك أهمّية خاصّة للقائدات، لأنّهنّ يملن أكثر من الرجال إلى الشكّ في أنفسهنّ. وتضحك وتقول، " هدّدني أحد الأشخاص في مرحلة معيّنة بتسجيل اسمي رغماً عنّي للتدرّب على قيادة البحث والإنقاذ. ربما لم أكن سأسجّل اسمي لولا أولئك الذين دفعوني إلى المضي قُدُماً وتولّي أدوار قيادية. عليكِ أن تضغطي بقوة أكبر في بعض الأحيان... والرجال، على وجه الخصوص، مسؤولون عن تشجيع المواهب القيادية النسائية ومساندتها".

لا شك أنّ ترؤّس كييرستي لمجلس البحث والإنقاذ يُحدث تأثيراً في نظر العديد من النساء من حولها. وتتذكّر سيدات كثيرات جئن إليها وأخبرنها أنّ تعيينها مصدر إلهام للأخريات لكي يمضين قُدُماً. وقالت لها إحدى السيدات، "لقد جعلتِ اضطلاعي بأدوار قيادية محلّية أسهل عليّ". وفي الوقت نفسه، يمكن أن يكون احتلال "المركز الأوّل" مرهقاً أيضاً. وتعترف قائلة، "أشعر أنّه إذا فشلتُ في دوري الحالي، لن يكون ذلك مجرّد فشل شخصي، بل سيكون فشلاً للقيادة النسائية في مجال البحث والإنقاذ".

عندما تُسأل كييرستي عن تأثير الصليب الأحمر في حياتها، تضحك وتشير إلى حقيقة أنّه انتهى بها المطاف إلى الزواج من زميل متطوّع في فريق البحث والإنقاذ. كما تسلّط الضوء على كلّ المعارف والخبرات التي اكتسبتْها في أدوار مختلفة وتقول، "جعلتني أكثر ثقة وأفضل تهيّؤاً للأحداث غير المتوقعة". وتضيف، "لقد أكسبني الصليب الأحمر الكثير من الخبرات الجديدة والصداقات والأفكار التي لن أتخلّى عنها. أعتقد بوجود وئام جيّد بيني وبين مبادئ الصليب الأحمر". عندما تُسأل عمّا إذا كانت تفكر في ترك الصليب الأحمر، تضحك وتقول "لا يمكنني تصوّر حصول ذلك، لأنّه سيتعيّن عليّ تغيير شخصيتي".

Kjersti Løvik

Norway, 2006

ضع تقييمك هنا
Brave
شجاع
Inspiring
ملهم
Hero
بطل
Passionate
متفان
0

"اعتنت سيدات كاستيليوني بالجنود الذين أُصيبوا بجروح في معركة سولفِرينو وهدّأتهم. لكن حين أُسّس الصليب الأحمر بعد ذلك بأربع سنوات، لم يكن فيه ولا امرأة واحدة. ولا تزال النساء اليوم يعتنين بالجرحى ويداوينهم، لكن هل يوجد في دوائر صنع القرار سيدات؟"

– IFRC Everyone Counts Report, 2019

سجل للحصول على اخر اخبارنا